أركان جريمة التشهير في النظام السعودي وعقوبتها القانونية

لكل إنسان الحق في حماية أسراره والحفاظ على حُرمة حياته الشخصية، ووهذا حق مكفول تضمنه القوانين والأنظمة في المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول، وكما عمدت المملكة إلى حماية هذا الحق في الواقع الحقيقي فإنها عمدت لحماية هذا الحق في العالم الافتراضي، ولهذا تم إقرار نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية وتحديد الأركان الخاصة بمختلف جرائمه بما فيها أركان جريمة التشهير في النظام السعودي.

تريد التواصل مع محامي قضايا تشهير متخصص؟ اضغط هنا للاتصال بنا.

بعبارةٍ أخرى لكل شخص حقوق شخصية تتمثل في التصرف بحرية ضمن حياته الخاصة بكل سرية طالما أنه لا يخالف الأنظمة والقوانين العامة ولا يعتدي على حقوق الآخرين، ولا يجوز لأي شخص مهما كانت دوافعه أو أسبابه أن يعمد إلى انتهاك هذا الحق وهذه الحرمة.

ولكن وجود نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية إنما صدر بسبب ما يحدث من تجاوزات وانتهاكات للحرية الشخصية للآخرين وحياتهم الخاصة وأسرارهم، بعدما أضحى التعدي على الشرف والخصوصية متاحاً ببساطة بواسطة التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة، فقد أصبحت حياة الأفراد عرضة للتشهير والإساءة أمام الناس ببساطة ودون جهد يذكر من قبل مرتكبي هذه الجرائم.

الهدف من هذا المقال هو توضيح خطورة جريمة التشهير من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وتواطئها وترابطها مع جرائم أخرى كالقذف والسب وغيرها، بالإضافة إلى شرح أركان جريمة التشهير في النظام السعودي وتوضيح عقوباتها وكيفية التعامل مع هذه القضية إذا ما واجهتكم.

ما هي أركان جريمة التشهير في النظام السعودي؟

حتى يتم فرض عقوبة جريمة التشهير على شخص ما في المملكة العربية السعودية فإنه من المفترض أن تحقق قضيته أركان الجريمة الجنائية، وتتمثل أركان جريمة التشهير في القانون السعودي فيما يلي:

  • الركن القانوني: وهو وجود المادة القانونية التي تجرم سلوك التشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي في المملكة العربية السعودية وتحدد عقوباتها وهو ما نص عليه نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.
  • الركن المادي: وهو السلوك والنشاط الذي يمثل فعل التشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أي أنه الفعل أو التصرف الذي قام به الجاني بالتشهير بشخص والإساءة إليه وتشويه سمعته من خلال وسائط إلكترونية مختلفة، وهذا ما يحقق الركن المادي في أركان جريمة التشهير في النظام السعودي.
  • الركن المعنوي: إن جريمة التشهير جريمة قصدية لا يمكن أن تتفق نيتها مع الخطأ، ولذلك يقوم الركن المعنوي في أركان جريمة التشهير في النظام السعودي على توافر القصدين العام والخاص، حيث يقوم القصد العام على إرادة الجاني ورغبته ونيته بفعل جريمة التشهير، بالإضافة إلى إرادة ونية تحقيق نتيجة هذه التشهير، وكذلك علمه بأن المحتوى الذي يقوم بنشره يتضمن إساءة وتشويه للسمعة وأن فعل التشهير الذي يقوم به جريمة يعاقب عليها القانون في السعودية وينفذها بالرغم من ذلك، بينما يقوم القصد الخاص على نية التشهير وتشويه سمعة الشخص الآخر والإساءة إليه أو إلحاق الأذى به أو تحقيق خسائر للشركة أو المؤسسة.

ولا شك أن سقوط أي ركن من أركان جريمة التشهير في النظام السعودي ينفي وقوع الجريمة، ومن ناحية أخرى فإنها قد تتعقد أكثر في حال تداخلها مع قضية أخرى كالسب والقذف وإفشاء الأسرار من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

شرح جريمة التشهير في النظام السعودي

تشكل الجرائم الالكترونية والمعلوماتية المتعلقة بالنشر خطورة بالغة، وذلك لمسّها بحياة الأشخاص الخاصة واعتباراتهم ومكانتهم في وسطهم الاجتماعي وسمعتهم وثقتهم بأنفسهم بالإضافة إلى نظرة الناس لهم، حيث أتاحت وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة لأصحاب النوايا والأغراض الخبيثة إمكانية استغلالها للتشهير بالأشخاص والإساءة إليهم وتكبيدهم خسائر مادية ومعنوية.

لذا فقد تناولت قوانين المملكة العربية السعودية هذه الظاهرة وحددت الجرائم الالكترونية وطرق مكافحتها بالإضافة إلى أنها تحدثت عن أركان جريمة التشهير في النظام السعودي وعقوباتها، بالإضافة إلى تحديد شروطها.

لطالما كان التشهير جريمة في المملكة العربية السعودية ولكنه قوانينه تطورت لاحقاً بعد ظهور التكنولوجيا ووسائل التواصل الحديثة، حيث كانت تقتصر سابقاً على التشهير الوارد في وسائل الإعلام التقليدية من صحف ومجلات ووسائل البث التقليدية الإذاعة والتلفزيون فظهرت على إثرها الحاجة لحماية حرية الأشخاص وحياتهم الخاصة.

لا سيما وأن وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها أصبحت الآن استخدامات يومية للشريحة الأكبر من المجتمع، وأدى النشر غير المقيد بشروط إلى إتاحة فرصة للانتقام وتوجيه ردات الفعل بطريقة تعرض القائم بها إلى المساءلة القانونية في محاكم المملكة العربية السعودية، فضلاً عن الأذى الذي يتم إلحاقه بالضحية.

وبسبب وجود مخالفات قانونية تنم عن جهل بالقوانين، ووجود نظام يحكم النشر الالكتروني وأهمية وجود وعي حول استخدام الانترنت ووسائل التواصل، بالإضافة إلى أهمية حماية الأفراد وسمعتهم من التشهير بمختلف التقنيات الالكترونية سنقدم بعض المعلومات بشكل مبسط لتجنب ارتكاب جريمة التشهير والوقوع في مشكلات قانونية.

مرتكب جريمة التشهير في النظام السعودي

يعد قائماً بالتشهير من يقوم بأحد الأفعال التالية:

  • من يقوم بنشر نص عبر موقع إلكتروني أو أحد وسائل التواصل الاجتماعي يسيء إلى شخص محدد بشكل علني مما يسبب له أضرار مختلفة.
  • من يقوم بنشر محتوى تقني (صورة، تسجيل فيديو، تسجيل صوت) عبر موقع إلكتروني أو أحد وسائل التواصل الاجتماعي يسيء إلى شخص محدد بشكل علني مما يسبب له أضرار مختلفة.
  • من يقوم بنشر محتوى تقني (نص، صورة، تسجيل فيديو، تسجيل صوت) عبر موقع إلكتروني أو أحد وسائل التواصل الاجتماعي يسيء فيه إلى مؤسسة تجارية محددة بشكل علني مما يسبب لها أضرار مادية متعلقة بالخسائر وأضرار معنوي متعلقة بالسمعة.
  • من يقوم بنشر محتوى تقني (نص، صورة، تسجيل فيديو، تسجيل صوت) عبر موقع إلكتروني أو أحد وسائل التواصل الاجتماعي يسيء فيه إلى شركة تقدم خدمات أو منتجات محددة بشكل علني مما يسبب لها أضرار مادية متعلقة بالخسائر وأضرار معنوية متعلقة بالسمعة.
  • من يقوم بنشر مادة صحفية يسيء بها إلى شخص محدد أو مؤسسة تجارية أو شركة بشكل علني مما يسبب لها أضرار مختلفة.

قد يهمك التواصل مع: محامي القضايا الجزائية.

عقوبات جريمة التشهير في القانون السعودي:

تعد المواد القانونية التي تتضمن عقوبات جريمة التشهير وتعمد إلى تحديدها قليلة نوعاً ما بما يجعل من الصعب تمييز العديد من الحدود بحيث تترك لتقديرات القاضي المسؤول عن تولي جريمة التشهير في المحكمة الجزائية، بالإضافة إلى تداخلها مع جرائم أخرى كما ذكرنا سابقاً متعلقة بإفشاء الأسرار وإساءة السمعة والسب والقذف وهذا ما يجعل الأمر القضية متشابكة.

أضف عليها اختلاف الشخص أو الشيء الذي يتم التشهير به ومكانته، حيث تختلف العقوبة ما بين التشهير بالمواطن أو التشهير بشخصية اعتبارية في المجتمع أو موظف عام أو شخصية ذات رتبة عسكرية في المملكة العربية السعودية.

 لذلك يتم فرض عقوبة جريمة الشهير على كل شخص تتم إدانته من خلال إثباتارتكابه لجريمة التشهير سواء في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية أو الإعلام التقليدي.

عقوبات التشهير في وسائل التواصل الاجتماعي:

وفقاً لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية وما تم ذكره في المادة الثالثة؛ يعاقب على جريمة التشهير وكل من يعتدي على الحياة الخاصة للأشخاص الآخرين باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة بما يلحق الأذى بهم ويسيء إليهم بالسجن لمدة سنة كحد أقصى أو دفع غرامة مالية قدرها 500 ألف ريال أو بالعقوبتين معاً.

كما ذكرت المادة الرابعة من ذات النظام على معاقبة من يقوم بانتحال شخصية بهدف التشهير بالآخرين لتحقيق مصالح شخصية مادية أو معنوية بالسجن لمدة ثلاث سنوات كحد أقصى أو دفع غرامة مالية قدرها 2 مليون ريال سعودي أو بالعقوبتين معاً.

وقد تضمنت المادة السادسة من ذات النظام عقوبة التشهير بالنظام العام والإساءة إليه أو نشر ما يسيء للقيم الدينية والآداب العامة والتي تتمثل بالسجن لمدة خمس سنوات كحد أقصى أو دفع غرامة مالية قدرها 3 مليون ريال سعودي أو بالعقوبتين معاً.

وقد أكدت المادة الثامنة على عدم إنقاص العقوبات عن نصف حدها الأعلى في حال كان الجاني موظفاً عاماً أو قام باستغلال وظيفته للقيام بجريمة التشهير، أو تم ذلك من خلال عصابة منظمة أو عبر التغرير بالقاصرين لإتمام الجريمة، بينما تضمنت المادة التاسعة حكماً بعدم التساهل مع المحرض والمساعد في جريمة التشهير والحكم عليه بذات عقوبة الجاني.

وعلى الرغم من ذلك فإنه وفقاً للمادة الحادية عشرة فإنه يمكن إعفاء الجاني من العقوبة الخاصة بجريمة التشهير إذا قام بتبليغ الجهات المختصة بشرط عدم معرفة هيئة التحقيق والادعاء العام بها وعدم حصول أي أضرار أو أذية خاصة بالفعل.

عقوبات التشهير في وسائل الإعلام التقليدية

يعاقب الصحفي القائم بتحقيق أركان جريمة التشهير في النظام السعودي بالسجن لمدة سنة كحد أقصى أو دفع غرامة مالية قدرها 500 ألف ريال أو بالعقوبتين معاً، وتضاعف العقوبة في حال تكرار جريمة التشهير مرة أخرى، كما يمنع من النشر في وسائل الإعلام التقليدية.

بينما تعاقب المؤسسة الإعلامية التي ينتمي إليها الصحفي القائم بنشر اعتذار للشخص أو المؤسسة التي تم التشهير بها.

طريقة التعامل مع قضية تشهير في السعودية

تتولى النيابة العامة وفقاً للمادة الخامسة عشرة من نظام الجرائم المعلوماتية في المملكة العربية السعودية عمليات التحقيق في قضايا التشهير وكشف الأدلة وجمعها بالإضافة إلى الادعاء في جريمة التشهير.

كما أنه ووفقاً للمادة الرابعة عشرة يجب على هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات أن تقدم خدماتها الفنية والدعم المتعلق باختصاصها والمساعدة في التحقيق في الجرائم المعلوماتية والتي تتم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام.

في حين تتولى المحكمة الجزائية الحكم في قضايا التشهير كونها إحدى الجرائم المعلوماتية وإذا ما تحققت أركان جريمة التشهير في النظام السعودي وشروط رفع دعوى التشهير يتم فرض العقوبة التي نص عليها نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية ضمن الحدود الخاصة للعقوبة ويترك ذلك لتقدير القاضي لإجراءات جريمة التشهير وظروف القضية.

كيف يمكن تقديم شكوى تشهير في السعودية؟

في المملكة العربية السعودية، يمكن لأي شخص وقع ضحية للتشهير تقديم شكوى إلى الشرطة ثم يتم تحويل الشكوى إلى النيابة العامة. إجراءات تقديم شكوى التشهير متوفرة على تطبيق كلنا أمن أيضاً. ومن أجل رفع دعوى تشهير، يجب على الضحية تقديم دليل على التشهير وإثبات تعرضه لأضرار نتيجة التشهير. عقوبة التشهير في المملكة العربية السعودية هي السجن و / أو الغرامة.

يمكنك الاستعانة بمحامي قضايا الجرائم المعلوماتية بمكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية لطلب الصياغة القانونية لشكوى التشهير لتقديمها للشرطة.

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا؛ ننصحك بقراءة: اركان جريمة الاختلاس في القانون السعودي ودعوى التعويض في النظام السعودي أو التواصل مع محامي قضايا جنائية جدة لطلب الاستشارة القانونية.


المصادر والمراجع:

Avatar of حسين الدعدي
نبذة عن حسين الدعدي

حسين الدعدي, محامي ومستشار قانوني سعودي الجنسية؛ حاصل على بكالوريوس في الشريعة بدرجة ممتاز من جامعة أم القرى في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية. ومالك لمكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية.

متجر الصفوة اطلب خدمات قانونية
لديك استشارة قانونية؟
تواصل مع محامي