شرح مفهوم وأجور السمسرة في النظام السعودي

6 دقائق للقراءة
4.3
(7)

هل اشتريت عقاراً؟، هل اشتريت سيارة؟ طبعاً إذا ما أردت شراء عقار أو سيارة ستتعامل مع شخص يسمى السمسار، وهذا الشخص يقوم بتسهيل إجراء الصفقة. فما هو السمسار، وما هي الطبيعة القانونية لعمله المسمى بالسمسرة؟.

سنحاول في مقالتنا هذه أن نوضح السمسرة في النظام السعودي وطبيعتها القانونية، وهل يمكن أن تكون السمسرة عقد، وما علاقتها بالوساطة، وكيف يتم إثبات السمسرة، وما مصير عمل السمسار في ظل التطورات التكنولوجية الأخيرة، وظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي حدت كثيرا من عمل السمسار التقليدي.

لديك استشارة قانونية؟ تواصل مع محامي تجاري الآن!

والسمسرة كعمل من أعمال التجارة تعتبر قديمة قدم التجارة نفسها.

فالسمسرة هي كل وساطة تتم بين البائع والمشتري لإتمام عملية البيع مقابل الحصول على أجرة هذه السمسرة، ومنه جاء اسم السمسار، وهو الشخص الذي يقوم بتلك الوساطة لقاء أجر محدد غالباً ما يكون نسبة معينة من الثمن المتفق عليه بين البائع والمشتري.

السمسرة في النظام التجاري السعودي

 إذا ما حاولنا أن ندرس السمسرة أو عمل السمسار في النظام التجاري السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/2 لعام 1390هـ، وهو ما يسمى بنظام المحكمة التجارية أيضاً، فإننا نجده قد عبر عن السمسار بكلمة الدلال وذلك في المادة 30 منه، حيث عرف هذا الدلال أو السمسار بأنه:

 كل شخص يتوسط بين البائع والمشتري لإتمام صفقة البيع مقابل أجر معين.

وبناء عليه نستطيع أن نعرف عقد السمسرة، على أنه عقد يتم إبرامه بين شخص راغب بشراء شيء معين والسمسار، حيث يقوم السمسار بتسهيل عملية الشراء وفقاً للشروط التي وضعها المشتري.

فالسمسرة هي عمل تجاري يتم به تقريب وجهات النظر بين البائع والمشتري لإتمام الصفقة لقاء أجر يستحقه السمسار.

والواقع أن النظام التجاري السعودي، قد جعل السمسار أو الدلال تاجراً، وجعل عمله ذا طبيعة تجارية، حيث أوجب على الدلال أو السمسار الذي يمارس مهنة الدلالة أو السمسرة في البضائع التجارية بين التجار، أن يتخذ له دفتر يومية يسجل فيه جميع أعماله بعد إتمامها يوماً فيوم بشكل واضح، مع بيان اسم البائع والمشتري، وتاريخ العقد، ووقت تسليم البضاعة مقدارها ونوعها وثمنها، وبيان جميع الشروط اللازمة، وبذلك فإن النظام التجاري السعودي ألزم السمسار الذي يعمل في الوساطة بين التجار بالدفاتر التجارية نفسها المفروضة على التجار.

خصائص عقد السمسرة

 من تعريف عقد السمسرة نستطيع أن نستخلص خصائص هذا العقد، وهي:

  1.  عقد السمسرة عقد رضائي يتطلب رضا الأطراف المشاركة في الاتفاق لإتمام عملية السمسرة، وهم السمسار المشتري والبائع.
  2. عقد السمسرة عقد ملزم للجانبين، أي السمسار والمشتري، أو السمسار والبائع بحسب الحال، أو أنه ملزم للأطراف الثلاثة السمسار والبائع والمشتري.
  3.  عقد السمسرة من عقود المعاوضة، فهو ليس من عقود التبرع، أي يستفيد جميع الأطراف من عقد السمسرة، حيث يحصل السمسار على الأجر المتفق عليه، بينما يحصل البائع على ثمن الشيء المباع، ويحصل المشتري على الشيء الراغب بشرائه.
  4.  عقد السمسرة عقد تجاري بالنسبة للسمسار، وليس بالضرورة أن يكون تجارياً بالنسبة للبائع أو المشتري، بل تحديد ذلك يعود لطبيعة عملهم والغاية من عملية البيع أو الشراء.
  5.  ولعل أهم نقطة تميز عقد السمسرة، هي أن السمسار لا يحوز أو يتملك الشيء موضوع السمسرة، فهو يقوم فقط بالوساطة بين البائع والمشتري دون أن يتملك الشيء المباع بينهما، فهو لا يدخل في حوزته بتاتاً، وبالتالي لا يعتبر السمسار مسؤولاً عن ضمان الاستحقاق أو ضمان العيوب الخفية التي تقع فقط على البائع، كما أنه غير ملزم بدفع الثمن الذي يكون على المشتري.

أجر ة الدلالة أو السمسرة في النظام السعودي

لم يحدد النظام التجاري السعودي أجرة معينة لأعمال الدلالة أو السمسرة، بل ترك الأمر في تحديد تلك الأجرة للعرف السائد وللعادات المتعلقة بكل مهنة.

إلا أن العرف السائد قد درج على منح السمسار أو الدلال نسبة معينة من الثمن المتفق عليه في الصفقة التي يتم عقدها بواسطته، وقد تم التعارف على أن تكون هذه النسبة لا تتجاوز 2,5% من قيمة الشيء المباع، وخاصة في الوساطة العقارية.

وإذا ما دخلنا إلى الأسواق التجارية، فإننا نجد أن السمسرة تتعلق بأغلب الأعمال التجارية من تجارة العقارات إلى تجارة السيارات إلى تجارة المواد الغذائية إلى تجارة مواد البناء إلى تجارة المواشي، حيث يقوم السمسار أو الدلال بتقريب وجهات النظر بين البائع والمشتري وإتمام الصفقة، ليحصل بناء على ذلك على أجرته التي غالباً ما تكون نسبة مئوية من الثمن.

وإن تحديد نسبة من الثمن كأجرة على الدلالة أو السمسرة، قد دفع بالكثير من السماسرة إلى محاولة زيادة ثمن الشيء المباع ليحصل على نسبة أكبر جراء دلالته أو سمسرته، وهذا الأمر يوافق البائع، إلا أنه يضر بالمشتري الذي غالباً ما يتحمل أجرة الدلالة أو السمسرة، ولو أن العرف السائد في أغلب الأعمال التجارية قد جعل تلك الدلالة أو السمسرة تقع على عاتق الطرفين البائع والمشتري.

وبالتالي يجب أن تكون أجرة السمسرة معقولة، سواء كانت محددة بنسبة مئوية أم غير ذلك، حيث أن السماسرة لعبوا دوراً كبيراً في ارتفاع أسعار الكثير من المواد التي أتموا صفقات بيعها، وبالأخص العقارات والسيارات والأوراق المالية الأسهم في البورصة.

أنواع السماسرة أو الدلالين أو الوسطاء

 تختلف أعمال السمسرة باختلاف الأعمال التي يقوم بها السمسار، وهي غالباً أعمال تجارية، ونذكر من أنواع أعمال السمسرة ما يلي:

  1.  السمسرة أو الوساطة في الكمبيالات والسندات، حيث يقوم السمسار بالتفاوض لشراء وبيع الكمبيالات والسندات.
  2.  السمسرة في البيع والشراء بالنسبة لأغلب البضائع، حيث يقوم السمسار هنا بدور الوسيط، فيقوم بتسويق البضاعة وبيعها والحصول على عمولته.
  3.  وهناك السمسار أو الوسيط لدى شركات التأمين، حيث يقوم بالوساطة بين المؤمن والمؤمن عليه، وهو يختلف عن وكيل التأمين الذي يتم تعيينه من قبل شركة التأمين، حيث أن وسيط أو سمسار التأمين هو ممثل للمؤمن عليه فقط، بينما وكيل التأمين ملزم بقواعد شركة التأمين ومسؤولياتها، وواجب وسيط التأمين هو مساعدة العميل أو المؤمن عليه فقط، وليس عليه التزاماً تجاه الشركة، بعكس وكيل التأمين الذي يلتزم بشركة التأمين.
  4.  وهناك السمسار العقاري الذي يسهل عمليات بيع وشراء وتأجير العقارات مقابل عمولة يحصل عليها.
  5.  ولا بد من أن نذكر سمسار البورصة الذي يقوم بشراء وبيع الأسهم في الشركات والتعامل في أسهم الشركات والأوراق المالية، ويتميز سمسار أو وسيط البورصة والأوراق المالية، بأنه يحوز الأوراق المالية أو يشتريها لنفسه باسمه أو باسم الغير، ثم يعيد بيعها، وهنا إعادة البيع تكون لصالح الشخص الذي اتفق معه على ذلك، فعملية شراءه للأسهم أو الأوراق المالية لا تعتبر عقد بيع، بل تعتبر علاقة سمسرة، ولو أن تلك الأوراق قد دخلت في حوزته، ثم انتقلت إلى حوزة الشخص المتعاقد معه على تلك الوساطة.

ما مدى مسؤولية السمسار في عقد السمسرة

إذا ما حللنا عقد السمسرة تحليلاً قانونياً دقيقاً، فإننا نجد أن السمسار عبارة عن وسيط فقط لإتمام الصفقة، فلا يترتب عليه أية التزامات تعاقدية أو حتى التزامات شخصية.

كما أنه غير مسؤول عن تنفيذ العقد لا بصفته الشخصية كسمسار ولا بصفته كشخص متضامن مع البائع أو المشتري، فالسمسار هو مجرد وسيط تجاري فقط بين الطرفين، بل ولا يتبع لأي منهما، وهو يحصل على عمولته من المشتري أو من البائع أو من كليهما.

وأجره في هذه الحالة يختلف عن أجر العامل، وبالتالي يختلف عقد السمسرة عن عقد العمل في أن عقد العمل يعمل فيه العامل تحت إشراف ورقابة وإدارة صاحب العمل، بينما في عقد السمسرة، فإن السمسار لا يعمل تحت إدارة وإشراف أي من الطرفين أي البائع أو المشتري، بل يعمل بشكل حر.

والواقع أن السمسرة التقليدية تكاد تندثر في الزمن الحالي بسبب التطور التكنولوجي وظهور وسائل التواصل الاجتماعي، والتي قربت المسافة كثيراً بين البائع والمشتري، حيث يمكن للبائع تسويق بضاعته بدون وساطة.

أسئلة شائعة عن السمسرة في النظام السعودي

هل تعتبر السمسرة عملاً تجارياً؟

 إن هذا السؤال مهم جداً، وهو معرفة فيما إذا كان عمل السمسار تجارياً أم لا، فالفرق بين العمل التجاري والمدني يترتب عليه الكثير من الأمور المتعلقة في إجراءات التقاضي، فالعمل التجاري يمكن إثباتها بكافة وسائل الإثبات بعكس العمل المدني الذي له شروط محددة في الإثبات.

والواقع أن السمسرة تعتبر عملاً تجارياً في أغلب أنظمة وقوانين العالم، والنظام التجاري السعودي يعتبرها عملاً تجارياً.

 وعمل السمسرة يعتبر تجارياً بالنسبة للسمسار، وليس بالضرورة أن تكون الأعمال الأخرى بالنسبة للذين يتوسط بينهم أعمالاً تجارية، فقد يقوم شخص بشراء منزل ليس بغاية التجارة، وإنما بغاية السكن، فيلجأ لمكتب وساطة عقارية أو سمسار عقاري يؤمن له ذلك المنزل، فيكون هذا العمل تجارياً بالنسبة للسمسار وغير تجاري بالنسبة للمشتري، والحال نفسه إذا أراد شخص أن يبيع سيارته بسبب وقوعه بضائقة مادية، فهنا يعتبر العمل تجارياً بالنسبة للسمسار وغير تجاري بالنسبة للبائع.

متى يستحق السمسار الأجرة؟

وهذا سؤال مهم جداً، حيث قد يلجأ شخص إلى مكتب وساطة عقارية ليتم له صفقة شراء منزل، ولكن هذا المكتب قد يتقاعس في تنفيذ المطلوب، إما لرغبته في زيادة سعر المنزل أو لانشغاله ببيوع أخرى، ثم تمت الصفقة بدون أي جهد أو تدخل من ذلك السمسار.

فإن السمسار في هذه الحالة  لن يستحق أجرة السمسرة، إذ يجب عليه لكي يستحق الأجرة أن يلعب دوراً فاعلاً في الوساطة بين البائع والمشتري لإتمام الصفقة على أكمل وجه.

أي يجب عليه في هذه الحالة أن يبذل عناية الرجل المعتاد، أو ما يسمى في الأعمال التجارية بعناية التاجر المعتاد، أي لا إفراط ولا تفريط، أي يجب أن لا يكون مقصراً وألا يكون مجتهداً فوق طاقته.

هل يجوز أخذ أجرة السمسرة من البائع والمشتري؟

إن هذا الأمر يعود للعرف السائد في السوق التجاري التي تمت فيه السمسرة، فهناك بعض الأسواق تجعل الأجرة فقط على المشتري، وهناك بعض الأسواق تجعل الأجرة مناصفة على البائع والمشتري، فالأمر يحدده العرف التجاري في كل سوق.

كم تبلغ عمولة السمسار أو ما هي نسبة السمسرة؟

وهذا الأمر أيضاً يختلف وفقاً للعرف السائد في كل مجال من مجالات التجارة المختلفة، فعمولة السمسار في بيع العقارات تختلف عن عمولة السمسار في بيع السيارات وتختلف عن عمولة السمسار في بيع الأغنام أو الإبل، فهذه النسبة يتم تحديدها وفقاً للعرف السائد في كل سوق.

 ما هو الفرق بين السمسار و مندوب المبيعات؟

 إن التمييز بين السمسار ومندوب المبيعات يقودنا للتمييز بين السمسرة والعمولة.

فالسمسرة هي نسبة ثابتة يأخذها السمسار من ثمن الشيء الذي تم بيعه من خلال وساطته في ذلك، وبالتالي في السمسار يقوم بعمل الوسيط بين البائع والمشتري بتسهيل الصفقة والحصول على النسبة المحددة وفقاً لأعراف السمسرة، مما يعني ثبات قيمة السمسرة بمبلغ مقطوع أو نسبة مئوية محددة.

بينما العمولة هي ما يتم الاتفاق عليه بين صاحب البضاعة و مندوب المبيعات على تصريف البضاعة، فمندوب المبيعات هنا لا يعتبر سمساراً يتوسط لإتمام الصفقة بين البائع والمشتري، بل يأخذ البضاعة ليبيعها بسعر معين مع استحقاقه عمولة محددة على بيع كل قطعة من تلك البضاعة.

 في نهاية المقال نرجو أن نكون قد بينا لكم السمسرة في النظام السعودي وعقدها وخصائصه، كما نؤكد على الخدمات القانونية التي يقدمها محامي عقارات من مكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية الذي يقدم خدماته القانونية في كافة أنحاء المملكة العربية السعودية بدون استثناء وفي كافة القضايا، وبالأخص القضايا التجارية وقضايا الشركات.

هل ساعدك الموقع على الوصول إلى المحتوى المطلوب ؟

انقر على النجوم للتقييم (من اليمين إلى اليسار)

4.3 / 5. 7

لا يوجد تقييمات حتى الآن

Avatar of حسين الدعدي
نبذة عن حسين الدعدي

حسين الدعدي, محامي ومستشار قانوني سعودي الجنسية؛ حاصل على بكالوريوس في الشريعة بدرجة ممتاز من جامعة أم القرى في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية. ومالك لمكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية.

أضف تعليق

متجر الصفوة اطلب خدمات قانونية
لديك استشارة قانونية؟
تواصل مع محامي