أركان جريمة الرشوة في النظام السعودي وعقوبة أطرافها

الأمانة أهم ركائز الثقة ولذلك فإن الثقة التي تمنحها الحكومة للموظفين فيها وتكليفهم بالمهام ومنحهم الصلاحيات إنما هي بمثابة أمانة ينبغي الاكتراث لها والحفاظ عليها، وحيث أن جريمة الرشوة هي جريمة جزائية فكي يتم تطبيق العقاب الذي نص عليه نظام مكافحة الرشوة يجب أن تتحقق أركان جريمة الرشوة في النظام السعودي كاملة.

عقوبة الرشوة شديدة ويعود ذلك لخطرها المتمثل من صدور هذا الفعل عن أصحاب المسؤوليات والمواقع الإدارية البسيطة منها والكبيرة الذين تقع المصلحة العامة بين أيديهم، فما هي جرائم الرشوة وما هي أركانها في النظام السعودي وما عقوباتها؟ هذا وأكثر في السطور التالية فأهلاً بكم.

لديك استفسار عن قضايا الرشوة؟ تواصل مع محامي القضايا الجزائية من خلال الضغط هنا.

شرح جريمة الرشوة في النظام / القانون السعودي

الرشوة هي أي فعل يقوم على قبول الموظف أو أخذه أو طلبه لأي حاجة أو فائدة من أي شخص آخر بغض النظر عما إذا كان أخذه لنفسه أو لغيره، على أن يقوم بمخالفة أي فعل يتوجب عليه القيام به وفقاً لمهام وظيفته أو حتى الامتناع عن أداء فعل يتوجب عليه القيام به، أو حتى القيام بفعل وتيسيره على الرغم من مخالفته لمهامه مستغلاً وظيفته في ذلك.

ففي هذه الحالة يعد الموظف العام الذي قام بهذا الفعل مرتشياً ويعاقب إذا اكتملت جميع أركان جريمة الرشوة ويتم الحكم عليه بعقوبات جريمة الرشوة الواردة في نظام مكافحة الرشوة في المملكة العربية السعودية، وتقع عليه هذه الجريمة إذا قبل بأي عرض ينوي به العبث بأعمال ومهام وظيفته حتى وإن كان الطرف الذي يقدم العرض غير جاد في قوله.

إن صور عبث أصحاب الوظائف والنفوذ بأعمالهم عديدة ولكن الرشوة أكثر هذه الصور شيوعاً وأكثرها فساداً، فإذا كان في جريمة الاختلاس العام فساد ونقص في المال المُعدّ لتحسين وتطوير المرافق العامة، فإن في الرشوة هدم لأي مؤسسة حكومية تتفشى بها وضياع للحقوق.

وهذا ما دعا لضرورة إيجاد القوانين التي تحكم هذه الظاهرة وتطلق العقوبات بحق مرتكبيها/أطرافها فكان نظام مكافحة الرشوة في المملكة العربية السعودية، بهدف وقف انتشار هذه الآفة ومحاولة معالجتها بكافة الطرق والأساليب من حيث فرض العقوبات أو العفو منها لمن يبلغ عن جريمة رشوة أو حتى منح مكافئات مالية لمن يقوم بتبليغ الجهات المختصة عن قضايا رشوة تحدث في أرجاء المملكة العربية السعودية.

أطراف جريمة الرشوة في النظام السعودي

تشتمل جريمة الرشوة على العديد من العناصر فهي تختلف عن الجرائم الأخرى التي يكون فيها جاني ومجني عليه، فالجميع في جريمة الرشوة جناة وهم ثلاثة يتمثلون بما يلي:

  • الراشي: وهو من يمنح الرشوة للموظف العام مهما كانت ماهيتها سواء كانت مبلغ مالي أو خدمة محددة أو ترقية أو غيرها، بغض النظر عما إذا كان قد طرح العرض بنفسه أو قام بتقديمها بعد طلب من الموظف العام.
  • المرتشي: وهو الموظف العام أخذ الرشوة مهما كانت ماهيتها سواء كانت مبلغ مالي أو خدمة محددة أو ترقية أو غيرها مقابل عبثه بعمله لصالح الراشي أو غيره، بغض النظر عما إذا كان قد طلبها بنفسه أو قام بقبولها بعد عرضها من قبل الراشي.
  • الوسيط: وهو صلة بين الطرفين في جريمة الرشوة والذي يقدم أي مساعدة أو خدمة في سبيل قيام هذه الجريمة وتحقيق مصالح أطرافها.

تصفح أيضاً: أركان جريمة التشهير في النظام السعودي وعقوبتها القانونية.

أركان جريمة الرشوة في النظام السعودي

يجب توافر أركان الجريمة الجنائية في أي قضية رشوة حتى يتم فرض العقوبة التي نص عليها نظام مكافحة جريمة الرشوة في المملكة العربية السعودية، وتتمثل أركان جريمة الرشوة في النظام السعودي فيما يلي:

أولاً: صفة المرتشي أكدت الأنظمة على أن المرتشي يجب أن يكون موظفاً عاماً أو ممن تضمنتهم المادة الثامنة في نظام مكافحة الرشوة على أنهم في حكم الموظف العام وتطبق عليهم أحكام هذا النظام:

  1. كل شخص يعمل لدى الدولة أو جهاز ذو شخصية عامة سواء كانت وظيفته دائمة أو مؤقتة.
  2. كل محكم أو خبير تم تعيينه من قبل الحكومة أو الهيئات القضائية في المملكة.
  3. المكلفين من قبل أي سلطة إدارية أو جهة حكومية لأداء مهمة محددة.
  4. كل شخص يعمل لدى شركة فردية موكلة بإدارة المرافق العامة وتشغيلها أو صيانتها أو تقدم خدمات عامة أو كان رئيسها أو أحد أعضاء مجلس إدارتها.
  5. كل شخص يعمل لدى شركة مساهمة أو تساهم الحكومة في المملكة في رأس مالها، أو كان رئيسها أو أحد أعضاء مجلس إدارتها.
  6. من يعمل لدى شركة فردية تزاول الأعمال المصرفية أو كان رئيسها أو أحد أعضاء مجلس إدارتها.
  7. رؤساء وأعضاء إدارة وموظفين الجمعيات الأهلية ذات النفع العام في السعودية.
  8. كل موظف سواء سعودي أو أجنبي يعمل في المنظمات الدولية الخاصة بتصريف الأعمال التجارية الدولية.

ثانياً: الركن المادي وهو القيام بسلوك الرشوة سواء بالأخذ أو الطلب أو قبول العرض بهدف تحقيق غاية معينة، يتجلى بها استغلال الوظيفة والمتاجرة بها بمختلف الصور كأداء مهمة من مهام وظيفته أو الامتناع عنها أو الإخلال بها أو القيام بعمل يعم الموظف بأنها من مهام وظيفته، ويتضمن الركن المادي صوراً عدة لا ينبغي توافرها وإنما تكفي صورة واحد لتحقيق الركن المادي؛ وهي:

  1. الأخذ والطلب والقبول: وهي قيام الموظف بالأخذ أو الطلب أو قبول العرض الخاص بالرشوة لأداء عمل أو الامتناع عنه.
  2. طلب وعد: وهي قيام الموظف ببيع ذمته وخيانة أمانته بطلب وعد بالحصول على شيء ما سواء كان مال أو خدمة مقابل أداءه لعمل أو الامتناع عنه.
  3. المكافأة والهدية: وهي قيام الموظف بقبول المكافأة أو الهدية بعد قيامه بعمل ما أو الامتناع عن عمل بما يخل بواجبات وظيفته حتى ولو كان بغير اتفاق مسبق بين الطرفين ومهما كان نوع الهدية.
  4. الاستجابة لوساطة أو توصية: وهي قيام الموظف بعمل ما أو الامتناع عن عمل بما يخل بواجبات وظيفته بسبب استجابته لوساطة أحد المعارف أو توصيته.

ثالثاً: الركن المعنوي وهو القصد الجنائي في الجريمة والذي يتمثل بقصد طرفي جريمة الرشوة في إتمامها ولا مجال بها للخطأ، ولذلك يتضمن الركن المعنوي في أركان جريمة الرشوة في النظام السعودي القصدين العام والخاص، فالقصد العام هو إرادة الجاني في ارتكاب عمل أو الامتناع عن عمل بدافع الحصول على منفعة يعلم أن القانون يجرم الحصول عليها بهذه الطريقة، والقصد الخاص هو الحصول على المنفعة بمعرفة وربما بوضع الشروط.

عقوبات جريمة الرشوة في النظام السعودي:

يتم فرض العقوبات في جرائم الرشوة على جميع الأطراف أو على أحدهم فقط وذلك وفقاً لحالة القضية ومدى قبول الأطراف بها، ويتحقق ذلك بإثبات أركان جريمة الرشوة في النظام السعودي، بحيث يتم فرض العقوبات كالتالي: 

تنص المادة الأولى من نظام مكافحة الرشوة على معاقبة الموظف المرتشي مقابل أداءه لعمل ما ضمن مهامه الوظيفية حتى وإن كان مباحاً ومشروعاً بالسجن لمدة عشر سنوات كحد أقصى أو بدفع غرامة قدرها مليون ريال سعودي كحد أقصى أو بالعقوبتين معاً حتى وإن قبلها وفي نيته عدم الوفاء بما وعد به الراشي، ويعد مرتشياً أيضاً ويعاقب بذات العقوبة من استخدم نفوذ وظيفته الحقيقي أو المزعوم للحصول على سلطة ما أو ترخيص أو أي خدمة أو ميزة وذلك وفقاً للمادة الخامسة.

بينما تنص المادة الثانية من ذات النظام على فرض ذات العقوبة على الموظف المرتشي مقابل امتناعه عن  أداء عمل ما ضمن مهامه الوظيفية حتى وإن كان هذا الامتناع، مباحاً ومشروعاً وحتى وإن قبلها وفي نيته عدم الوفاء بما وعد به الراشي، كما تنص المادة الثالثة على فرض ذات العقوبة على الموظف الذي يقبل مكافأة على أداء عمل يخل به مهامه الوظيفية حتى وإن قبلها بدون وجود اتفاق مسبق.

كما يعاقب من يقوم بالإخلال بمهام وظيفته عبر القيام بأفعال أو الامتناع عنها بسبب وساطة أو توصية بالسجن لمدة ثلاث سنوات كحد أقصى أو دفع غرامة مائة ألف ريال سعودي كحد أقصى أو بالعقوبتين معاً وذلك وفقاً للمادة الرابعة من ذات النظام.

الأسئلة الشائعة

فيما يلي بعض الأجوبة المتعلقة بجريمة الرشوة وأركان جريمة الرشوة في النظام السعودي:

ما السبب في تجريم فعل الرشوة؟

يعود السبب في تجريم سلوك وفعل الرشوة إلى وجود حق المعتدى عليهم والذين يتمثلون في هذه الحالة بالوظيفة العامة أولاً ومكانتها وأهمية الدور الذي وجت لأجله، بحيث يؤدي الإخلال والإفساد بها إلى تدمير حقوق عامة والإساءة إلى المؤسسات الحكومية والتقليل من شأنها وفاعليتها، بالإضافة إلى حقوق المواطنين في المساواة أمام القانون ثانياً، حيث أن فعل الرشوة يقوم على زعزعة العلاقة ما بين المواطنين والحكومية بسبب عدم الحصول على الحقوق أو تكافؤ الفرص، والتي يؤدي الموظف العام من خلال وظيفته دور الوسيط في هذه العلاقة.

هل يتم تعويض الراشي في قضايا الرشوة؟

لا؛ حيث تتم مصادرة الرشوة في حال كانت رشوة مادية ولا يجوز إعادتها للراشي أو أن يُطالب باستردادها، حيث يعد الراشي طرفاً من أطراف الجريمة وشريكاً بها وإن خسارته لقيمة الرشوة إنما هو من صنع يديه.

هل طلب رشوة وعدم الحصول عليها يعد جريمة رشوة؟

نعم؛ إذا قام الموظف العام بطلب رشوة ولم يلبي الطرف الآخر طلبة ورفض ذلك يحق له رفع دعوى والتبليغ عن الموظف بحيث تقام الدعوى بحق الموظف ويعد هو الجاني الوحيد فيها.

هل تقديم رشوة وعدم قبولها يعد جريمة رشوة؟

نعم؛ إذا قام الراشي بعرض رشوة أو قدم وعداً بها ولم يلبي الموظف العام طلبة ورفض ذلك يحق للموظف رفع دعوى والتبليغ عن الراشي بحيث تقام الدعوى بحق الراشي ويعد هو الجاني الوحيد فيها، ويعاقب وفقاً للمادة التاسعة من نظام مكافحة الرشوة بالسجن لمدة عشر سنوات على الأكثر ودفع غرامة مالية قدرها مليون ريال سعودي  على الأكثر أو بإحدى هاتين العقوبتين.

ما عقوبة الاعتداء على موظف عام لإجباره على القيام بعمل غير مشروع؟

يعاقب بالسجن لمدة عشر سنوات على الأكثر ودفع غرامة مالية قدرها مليون ريال سعودي على الأكثر أو بإحدى هاتين العقوبتين أي شخص يعمد إلى استخدام العنف أو التهديد أو الاعتداء بالضرب على موظف عام بهدف إجباره على الإخلال بمهام عمله وحمله على ما يخالف الأنظمة والمهام الخاصة بوظيفته وذلك وفقاً للمادة السابعة من نظام مكافحة الرشوة.

هل يحتفظ الموظف بعمله بعد اتهامه بجريمة رشوة؟

إذا تمت إدانة موظف عام أو من يصنف في حكمه من الذين أشرنا إليهم سابقاً بجريمة رشوة يتم عزله من الوظيفة التي يشغلها وحرمانه من تولي أي وظيفة عامة أخرى أو أي وظيفة أخرى يعتبر الأشخاص الذين يؤدونها بحكم الموظفين العامين وذلك وفقاً للمادة الثالثة عشرة من نظام مكافحة الرشوة السعودي.

هل هناك مكافأة لمن يبلغ عن جريمة رشوة؟

بالتأكيد؛ حيث نصت المادة السابعة عشرة من نظام مكافحة الرشوة السعودي إلى منح مكافأة قدرها خمسة آلاف ريال على الأقل بشرط ألا تزيد عن نصف قيمة الرشوة المصادرة لكل من يقوم بالإرشاد والتبليغ عن جريمة رشوة، وأسهمت المعلومات التي يقدمها في إثبات الجريمة وتحقيق أركان جريمة الرشوة في النظام السعودي فيها، ولم يكن راشياً فيها أو وسيطاً أو شريكاً، ويتم تقدير قيمة المكافأة من قبل الجهة التي تتولى القضية.


المصادر والمراجع:

Avatar of حسين الدعدي
نبذة عن حسين الدعدي

حسين الدعدي, محامي ومستشار قانوني سعودي الجنسية؛ حاصل على بكالوريوس في الشريعة بدرجة ممتاز من جامعة أم القرى في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية. ومالك لمكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية.

متجر الصفوة اطلب خدمات قانونية
لديك استشارة قانونية؟
تواصل مع محامي