عقوبة القذف المحصنات شرعا وقانونا في السعودية

في هذا المقال سنوضح عقوبة قذف المحصنات شرعا وقانونا في المملكة العربية السعودية، وهي جريمة شنيعة تستوجب عقاباً رادعاً.

إن المجتمع تنتشر فيه الكثير من الأمراض، ويأتي على رأسها الغيبة والنميمة والافتراء على الناس.

ولعل من أخطر المشاكل الاجتماعية، هي التشهير بالناس وتشويه سمعتهم، أو سبهم وشتمهم بما ليس فيهم، أي القذف بهم وبأخلاقهم وأعراضهم.

ولعل من أخطر أفعال السب والقذف والتشهير بالآخرين، هي قذف النساء المحصنات الغافلات، حيث اعتبرت الشريعة الإسلامية هذا الفعل من الكبائر، فقد قال الله سبحانه وتعالى:

((والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء، فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً، أولئك هم الفاسقون، إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم)).

عقوبة قذف المحصنات شرعاً وقانوناً

إن قذف المحصنات يعتبر من أكبر الجرائم في المملكة العربية السعودية، وقد أخذت أحكامه من الشريعة الإسلامية الغراء، فقد حدث أبو هريرة رضي الله عنه فيما رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات)، قالوا: يا رسول الله وما هن؟، قال: (الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).

وبالتالي فإن قذف المحصنات المؤمنات الغافلات يعني رميهن وسبهن وشتمهن واتهامهن بالزنا، ويقصد بالمحصنات جمع المحصنة، وهي المرأة المتزوجة أو المرأة العفيفة، أما الغافلات فهن البريئات الطوايا المطمئنات النفس، لأنهن لم يفعلن شيئاً يحذرنه أو يخفنَّ منه.

وإذا ما ثبت فعل قذف المحصنات المؤمنات الغافلات، فإن عقوبة الفاعل وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، هي كما جاءت في الآية : 

((فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً)).

 وبالتالي فإن عقوبة القذف المحصنات شرعا تتمثل في أمرين، هما: الجلد ثمانين جلدة، عدم قبول شهادة القاذف.

وهذه العقوبة هي المقررة شرعاً، إلا أن هناك العقوبة التعزيرية والتي يعود أمر تقديرها للقاضي، وقد تكون الحبس لأكثر من سنة والغرامة المالية وتعويض المجني عليه عما لحق به من ضرر مادي أو معنوي.

وبالتالي فإن من يرتكب جريمة القذف والسب وبشكل خاص في حق النساء المحصنات المؤمنات الغافلات، فإن عقابه سيكون مضاعفاً فيما لو سب وقذف غيرهن، فالجرم هنا يعتبر جرماً مشدداً. وهذا ما سنتحدث عنه في الفقرة التالية وهي العقوبة القانونية لقذف المحصنات.

عقوبة  السب والقذف في القانون السعودي

أخذ القانون السعودي عقوبة السب والقذف من أحكام الشريعة الإسلامية، حيث جعل عقوبة من يثبت عليه ارتكاب فعل السب والقذف بحق الآخرين الجلد ثمانين جلدة.

إلا أن القانون السعودي جاء بحقين يتعلقان بجريمة السب والقذف، وهما الحق الشخصي أو ما يسمى بحق الفرد، والحق العام أو ما يسمى بحق المجتمع.

فالحق الشخصي أو الحق الخاص: هو الحق المتعلق بشخص المجني عليه أو المقذوف، وهو حقه في عقوبة الجاني بجلده ثمانين جلدة، وتعويضه عما لحق به من ضرر مادي أو معنوي وأدبي.

أما الحق العام: فهو حق المجتمع أو حق الدولة، ويتمثل في عقوبة الجاني بالحبس والغرامة، وقد كانت عقوبة القذف قانونا في المملكة العربية السعودي هي عقوبة الفاعل بالسجن لمدة شهرين والغرامة بمبلغ 5000 ريال سعودي.

وماذا عن القذف الالكتروني؟ هذا ما ستتحدث عنه فقرتنا التالية:

عقوبة السب والقذف الإلكتروني في السعودية

 إن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتطور التكنولوجيا المعلوماتية قد أدى إلى سهولة تداول المعلومات والأحاديث بين أفراد المجتمع، وهذه السهولة في التداول أغرت الكثير من الناس ببعضهم البعض، فانتشرت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أفعال السب والتشهير والقذف، وتشويه السمعة، ووصل الأمر ببعض الأفراد في المجتمع بأن يقذف المحصنات المؤمنات الغافلات بما ليس فيهن، ويتهمن بالزنا أو ارتكاب الفواحش وما إلى ذلك.

 والواقع أنها جريمة السب والقذف الالكتروني: هي الجريمة التي تقع عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر أي تقنية من تقنيات المعلومات.

وعقوبة السب والقذف عبر وسائل التواصل الاجتماعي قد حدث فيها جدال قضائي كبير في المملكة العربية السعودية، وذلك حول اختصاص المحكمة التي يجب أن تنظر في تلك الدعاوى، حيث تم إثارة السؤال التالي على مستوى القضاء:

هل الاختصاص بالنظر في تلك الجرائم يعود إلى لجان مخالفة النشر الإلكتروني التابعة لوزارة الإعلام، أم للمحاكم العامة ممثلة بالمحكمة الجزائية؟

وقد حسم هذا الجدل مجلس القضاء السعودي بأن جعل الاختصاص في نظر جرائم القذف والسب المرتكبة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي من اختصاص المحكمة الجزائية.

وحسناً فعل مجلس القضاء السعودي، حينما أناط مهمة الفصل في تلك الدعوى للمحكمة الجزائية، لأنها تعتبر من القضايا الجزائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

أما عقوبة السب والقذف الإلكتروني في النظام السعودي، فقد جاء النص عليها في المادة الثالثة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، والتي نصت على أن:

التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل وتقنيات المعلومات المختلفة، يتم معاقبة فاعله بالسجن مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تزيد على 500,000 ريال سعودي، أو بإحدى هاتين العقوبتين. كما توضح تغريدة حساب النيابة العامة على تويتر:

كما عاقبت المادة السادسة أيضاً من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية كل من يقوم بجرائم معلوماتية تؤدي للمساس بالنظام العام، أو تسيء للآداب العامة، أو للقيم الدينية، أو تنتهك حرمة الحياة الخاصة ، بالسجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات وبالغرامة بما يزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وإذا ما أردنا أن نفسر الأفعال التي تؤدي للمساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، فأي فعل أكبر من السب والقذف يؤدي لتلك الانتهاكات. 

فقذف المحصنات فيه اعتداء على النظام العام لضرره الكبير في المجتمع، وفيه ايضاً اعتداء على القيم الدينية في الإسلام، وفيه انتهاكاً لحرمة الحياة الخاصة، التي جعلها الله مقدسة، وفيه إساءة للآداب العامة في المجتمع.

صورة عن المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية
المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية

 

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالتنا نرجو أن نكون قد وضحنا لكم عقوبة قذف المحصنات شرعا وقانونا في المملكة العربية السعودية، في مقالات لاحقة سنوضح كيف يتم إثبات هذه الجريمة، يمكنك القراءة أكثر عن جريمة السب والقذف في النظام السعودي.

إذا ما وجدت نفسك في أحد الأيام قد تعرضت لجريمة سب و / أو قذف من قبل أحد الأشخاص، سواء بشكل مباشر من خلال التلفظ بكلمات مسيئة بحقك، أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، واحتجت لمحامٍ توكله في تلك الدعوى، فإن مكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية يستطيع تقديم المساعدة لك في ذلك، من خلال محامي قضايا سب وقذف متخصص؛ تواصل معنا اليوم.

 

Avatar of حسين الدعدي
نبذة عن حسين الدعدي

حسين الدعدي, محامي ومستشار قانوني سعودي الجنسية؛ حاصل على بكالوريوس في الشريعة بدرجة ممتاز من جامعة أم القرى في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية. ومالك لمكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية.

أضف تعليق

متجر الصفوة اطلب خدمات قانونية
لديك استشارة قانونية؟
تواصل مع محامي