كل شيء عن فسخ النكاح في النظام السعودي

هذه المقالة هي جزء من سلسلة من المقالات التي تتحدث عن فسخ النكاح/الزواج في المملكة العربية السعودية. والتي كتبها محامي طلاق في مكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية.

إن أحكام الشريعة الإسلامية لم تترك الحياة الأسرية دون تنظيم بدءً من الزواج وإنجاب الأولاد، وحضانتهم، والنفقة، وانتهاء بالفرقة بين الزوجين لأي سبب من الأسباب مثل الطلاق, فسخ النكاح, أو الخلع.

وقد جاءت أحكام نظام الأحوال الشخصية السعودي متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية في ذلك، وسنتحدث اليوم عن أحد أهم أسباب الفرقة بين الزوجين، وهو فسخ  النكاح في النظام السعودي.

فسخ النكاح في النظام السعودي

إذا ما رجعنا لأحكام نظام الأحوال الشخصية السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/73 لعام 1443هـ، فسنجد بأن المادة 76 منه، قد نصت على حالات الفرقة بين الزوجين، وهي خمس حالات:

  1. الطلاق.
  2. الخلع.
  3. فسخ عقد الزواج.
  4. وفاة أحد الزوجين.
  5. اللعان بين الزوجين.

وبالتالي فإن الرابطة الزوجية الناشئة عن عقد الزواج لا تنتهي إلا بالحالات الخمس السابقة، وهي إما الطلاق الذي يقع بالإرادة المنفردة للزوج من خلال لفظه الصريح أو الكناية بألفاظ الطلاق، وإما الخلع وهو الاتفاق بين الزوج والزوجة على إنهاء الحياة الزوجية لقاء بدل مادي تدفعه الزوجة، وإما بوفاة أحد الزوجين، أو اللعان، وذلك حين ينتهي الزوج زوجته بالزنا، ولا يجد ما يثبت ذلك، حيث نصَّ نظام الأحوال الشخصية السعودية على إنهاء الحياة الزوجية إذا ما تلاعن الزوجان، وأما الحالة الخامسة، فهي فسخ عقد الزواج، أو فسخ النكاح، وهي موضوع مقالتنا.

وإذا ما أردنا أن نُعرّف فسخ النكاح في النظام السعودي، فإنه كل تفريق يقع بين الزوجين ناتجاً عن حكم قضائي، وتكون الفرقة الناتجة عنه بائنة بينونة صغرى، ولا يُحسب من التطليقات الثلاث.

وبالتالي فإن أهم ما يميز فسخ النكاح عن الطلاق ما يلي:

  1. الطلاق يقع بالإرادة المنفردة للزوج، بينما فسخ النكاح يكون بحكم قضائي.
  2. الطلاق في المرة الأولى والثانية يعتبر طلاقاً رجعياً، وتعتد الزوجة عدة الطلاق الرجعي، بينما فسخ النكاح يعتبر بائناً بينونة صغرىـ وبالتالي لا يحق للزوج مراجعة زوجته إلا بعقد جديد ومهر جديد.
  3. إن الطلاق الذي يقع من الزوج يعد محسوباً من عدد التطليقات الثلاث، أما فسخ النكاح فلا يعتبر من تعداد التطليقات الثلاث.

حالات فسخ النكاح في النظام السعودي

قرر نظام الأحوال الشخصية السعودي الحالات التي تستدعي فسخ عقد الزواج بحكم القضائي، وهي:

  1. فسخ الزواج للعلل والأمراض، ويشترط فيها أن تكون مضرة، أو منفرة، أو تمنع المعاشرة الزوجية، وفي كل ذلك يشترط ألا يكون أحد الزوجين عالماً بالعلة حين إبرام العقد، أو أنه علم بها بعد إبرامه، وظهرت عليه علامات تدل على الرضا.
  2. فسخ الزواج لعدم أداء الزوج المهر، وذلك في حالة عدم الدخول بالزوجة، أما إذا تم الدخول، فإنه يصبح ديناً في ذمة الزوج.
  3. فسخ الزواج لعلة عدم الإنفاق، وهنا تفسخ المحكمة الزواج ولو ادعى الزوج إعساره، وأن الزوجة تعلم بذلك قبل الزواج.
  4. فسخ الزواج للضرر والشقاق، وهنا يحق لأي من الزوجين أن يطلب فسخ عقد الزواج نتيجة الضرر الواقع عليه من الزوج الآخر، والذي يتعذر معه باستمرار العشرة بالمعروف بينهما.
  5. فسخ الزواج بسبب الإيلاء أو الظهار، وهو حلف الزوج على عدم معاشرة زوجته لمدة تزيد على أربعة أشهر.
  6. فسخ الزواج لغياب الزوج بشرط ألا يكون غياب الزوج بسبب العمل والنفقة على أسرته، مع ضرورة قبل الحكم بفسخ الزواج إنذار الزوج إما بالعودة والإقامة مع زوجته، أو تسافر إليه، أو يطلقها، مع منحه أجلاً بما لا يزيد على 180 يوماً من تاريخ إنذاره.
  7. فسخ الزواج لفقدان الزوج، وهنا يتوجب على المحكمة ألا تقضي بفسخ الزواج إلا بعد مضي مدة تحددها للانتظار لعودة الزوج الغائب المفقود على ألا تقل على سنة، ولا تزيد على سنتين من تاريخ فقده أو غيبته.

اقرأ بالتفصيل عن أسباب فسخ النكاح من هنا › أسباب فسخ النكاح في السعودية.

إجراءات فسخ النكاح في النظام السعودي

إن الناظر لأحكام فسخ النكاح في نظام الأحوال الشخصية السعودي، وبالعودة لأحكام نظام المرافعات الشرعية، وكون الأمر يتطلب حكماً قضائياً، فإن ذلك يستدعي رفع دعوى قضائية أمام محكمة الأحوال الشخصية المختصة، وهذا بحد ذاته يجعل طلب فسخ عقد النكاح من ناحية الإجراءات أطول بكثير من إنهاء عقد الزواج بالطلاق.

ولعل أقرب حالات فسخ النكاح من ناحية الإجراءات إلى الطلاق، هي حالة طلب فسخ عقد الزواج لعلة الضرر والشقاق، ولذلك سنأخذها كمثال للتمييز في الإجراءات بين فسخ النكاح والطلاق.

أولاً – إجراءات الطلاق:

إن الطلاق يقع بالإرادة المنفردة للزوج بلفظ صريح، كأن يقول لها: أنت طالق، أو طلقتكِ، أو بلفظ ضمني أو ما يسمى باللفظ الكناية، وهو بأن يقولها: الحقي ببيت أهلكِ، أو أي عبارة تدل على حدوث الفرقة بين الزوجين.

وهنا يقع الطلاق رجعياً ما لم تكن تلك التطليقة هي التطليقة الثالثة، إذ يحق للزوج خلال عدة الطلاق الرجعي مراجعة زوجته قولاً أو فعلاً، فإذا مضت عدة الطلاق الرجعي دون مراجعتها، فإن الطلاق يصبح بائناً بينونة صغرى، ولا يحق له مراجعة زوجته إلا بمهر جديد وعقد جديد، وأما إذا ما وقع الطلاق للمرة الثالثة، فإنه يكون بائناً بينونة كبرى، ولا يحق للزوج مراجعة زوجته، ما لم تتزوج بزوج آخر، ويدخل بها، ويطلقها، دون أن يكون هناك تواطؤ بين الزوجين.

ولكن قد يتساءل البعض، ما هي الإجراءات اللازمة للطلاق وقد وقع بالإرادة المنفردة للزوج؟

ونحن نقول: نعم، هناك إجراءات ألزم بها نظام الأحوال الشخصية السعودي، الزوج حين يطلق زوجته، وهي ضرورة أن يتم يثبت ذلك الطلاق لدى الدوائر الإنهائية في محكمة الأحوال الشخصية، وذلك خلال مدة أقصاها 15 يوماً منذ أن يصبح الطلاق بائنا بينونة صغرى أو كبرى.

وإذا لم يقم الزوج بهذا الإجراء، يحق للزوجة أن ترفع دعوى إثبات واقعة طلاق أمام محكمة الأحوال الشخصية المختصة، وبالتالي فإن إجراءات إثبات الطلاق بدعوى قضائية من قبل الزوجة قد تأخذ فترة زمنية لا بأس بها، خاصةً إذا ماطل الزوج في الإقرار بالطلاق أمام محكمة الأحوال الشخصية، أو إذا اضطرت الزوجة لإثبات الطلاق بأي وسيلة من وسائل الإثبات الواردة في نظام الإثبات السعودي، كالأدلة الكتابية أو الرقمية أو شهادة الشهود ويمكنك لمزيد من التفاصيل أن تقرأ مقال: التصرف القانوني الصحيح عند رفض الزوج إثبات الطلاق.

أما إجراءات فسخ النكاح بالنظام السعودي نتيجة الضرر والشقاق ، فتكون على النحو التالي:

  1. ترفع الزوجة دعوى قضائية للتفريق بينها وبين زوجها، لعله الضرر والشقاق مؤيدة ذلك بكافة الدلائل التي تدل على الضرر الذي لحق بها من زوجها.
  2. ينظر القاضي في الدعوى، فإذا ثبت له عدم وقوع الضرر، يحكم بالطلاق، وإذا لم يتبين له ذلك، يحيل الدعوى إلى المصالحة من خلال تعيين حكم من أهله وحكم من أهلها، وفي حال عدم إمكان ذلك، يتم تعيين حكمين من قبل المحكمة، ويتوجب على الحكمين إنهاء التحكيم خلال مدة لا تزيد عن 60 يوماً من تاريخ تعيينهما.
  3. يجب على الحكمين الاستماع إلى الزوجين، والبحث عن أسباب الشقاق بينهما، وبذل ما يمكن لرأب الصدع في ذلك.
  4. عندما يعجز الحكمان عن الإصلاح بين الزوجين، يرفعان تقريرهما بذلك إلى المحكمة مع توضيح ما قاما به من سبل للإصلاح بين الزوجين، وينتهيان للرأي بإنهاء الحياة الزوجية لعدم إمكانية استمرارها.
  5. يحكم القاضي بناء على تقرير الحكمين بفسخ عقد الزواج لعلة الضرر والشقاق.

الأسئلة الشائعة

 هل يتطلب فسخ النكاح موافقة الزوج؟

لا يتطلب فسخ النكاح موافقة الزوج طالما إنه يستند إلى حكم قضائي، إذ أن نظام الأحوال الشخصية السعودي منح الزوجة الحق في فسخ النكاح وفقاً للحالات المذكورة فيه، وهي لا تحتاج إلى موافقة مسبقة من الزوج بذلك.

هل يمكن أن يكون فسخ النكاح غيابياً؟

نعم، يمكن أن يكون فسخ النكاح غيابياً في حالة واحدة، وهي حالة فقدان الزوج، أما في باقي الحالات فلا بد من إعلامه بالدعوى المقامة بحقه، أو إنذاره لمعالجة الأمر، وهذه تظهر في حالة طلب الطلاق بسبب غياب الزوج، حيث يتم إنذاره إما بالعودة، أو بسفر زوجته إليه، أو بطلاقها.

 كم تستغرق قضية فسخ النكاح؟

إن قضية فسخ النكاح قد تستغرق وقتاً يتراوح ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر، وربما  أكثر، فالأمر يعود إلى نظام الجلسات في المحكمة من جهة، ومماطلة الزوج في الحضور، أو قيام محامي الزوج بتقديم دفوع قد تؤخر الحكم في الدعوى.

وفي نهاية مقالتنا نرجو أن نكون قد وضحنا لكم فسخ النكاح في النظام السعودي، وما الفرق بين فسخ النكاح والطلاق، حيث أن فسخ النكاح يكون بحكم قضائي بناء على دعوى أمام المحكمة، أما الطلاق فيقع بالإرادة المنفردة للزوج، وأما الخلع فهو اتفاق بين الزوجين على إنهاء الرابطة الزوجية لقاء بدل مادي تدفعه الزوجة.

 

Avatar of حسين الدعدي
نبذة عن حسين الدعدي

حسين الدعدي, محامي ومستشار قانوني سعودي الجنسية؛ حاصل على بكالوريوس في الشريعة بدرجة ممتاز من جامعة أم القرى في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية. ومالك لمكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية.

متجر الصفوة اطلب خدمات قانونية
لديك استشارة قانونية؟
تواصل مع محامي