اركان الجريمة الجنائية في النظام السعودي

الأركان هي الجوانب التي يقوم عليها الشيء، كالأعمدة في البناء والعامل في العمل، فهي الشروط التي لا يتم الشيء إلا بها، فإذا ما أسقطنا ذلك على القانون كانت أركان الجريمة الجنائية في النظام السعودي عدّة، بما فيها من تخطيط للجريمة وتفكير بها ومن ثم تنفيذها بالفعل أو بالامتناع عن الفعل.

سنقدم لك في هذا المقال كل ما يخص أركان الجريمة الجنائية في النظام السعودي سواء ركنها الشرعي أو المادي أو المعنوي، بالإضافة لكيفية تقسيم وتصنيف الجرائم من حيث الأركان في النظام السعودي.

مكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية: افضل محامي قضايا جنائية في جدة؛ للتواصل معنا اضغط هنا.

ما هي أركان الجريمة الجنائية في النظام السعودي

لا شك أن الجرائم أبغض الأفعال وأسوأها وأكثرها خطراً ومساساً بأمن المجتمع، كما أنها عقبة في طريق تحقيق الأمان، وأداة تدمير لأوصال الانتماء الفردي إلى المجتمع ككل الذي ترسى به عوامل الرهبة والخوف من إهدار الحقوق وضياع الأمان نتيجة انعدام الرادع الأخلاقي والإنساني لدى مرتكبها، ومع غياب هذه الروادع وتنحيها، فإن الرادع القانوني هو الخيار الوحيد للقصاص من المجرمين.

فيما يلي أركان الجريمة الجنائية في النظام السعودي:

  • الركن القانوني: ويعني وجود نص قانوني يحدد الجريمة وعقوبتها، فلا جريمة بدون قانون يجرمها ويحكمها ويحددها ويحدد العقوبات التي تترتب عليها، والركن القانوني أو ما يدعى بالركن الشرعي مهم جداً حيث لا يمكن تجريم فعل ولا فرض عقوبة عليه إلا بوجود المادة القانونية التي تتضمنه.
  • الركن المادي: وهو الشيء الملموس من الجريمة والفعل المادي الذي يتم الاعتداء فيه على حق يحميه القانون ويكفله، وله عدة عناصر؛ وهو السلوك أو الفعل الجريمة كإطلاق النار على أحدهم، ومن ثم ردة فعل الجريمة أو النتيجة التي أدى إليه وهو إصابة الضحية وموته، وكذلك الرابط بينهما أو العلاقة السببية أي موت الضحية بسبب الفعل وليس لسبب آخر.
  • الركن المعنوي: وهو القصد والإرادة عند القيام بفعل الجريمة لدى الجاني مع العلم بسوء الفعل الذي يقوم به وإدراك نتائجه وإقدامه عليه على الرغم من ذلك.

ويتم تطبيق العقوبة المفروضة على الفعل بعد توافر جميع أركان الجريمة الجنائية في الفعل، ومن الجدير بالذكر أن العقوبة تختلف إذا ما انعدم وجود أحد الأركان أو يتم تخفيفها وتطبيق الحد الأدنى منها وذلك لتغيير جسامة الفعل أو وصفه.

قانون العقوبات في النظام السعودي:

قانون العقوبات في المملكة العربية السعودية أو كما يعرف أحياناً بالقانون الجزائي هو مجموعة من القواعد والأسس الشكلية والموضوعية التي العقوبات التي يتم فرضها على مرتكبي الجرائم وكيفية سير الدعوى الجزائية في مراحلها المختلفة ومن ثم صدور الحكم الخاص بها وإمكانية الطعن به، ويتضمن القانون الجنائي جانبين:

  • القواعد والأسس الشكلية: وهو نظام الإجراءات الجزائية في المملكة العربية السعودية.
  • القواعد والأسس الموضوعية: وهي الأنظمة التي تحدد العقوبات وقواعد تحديد الجرائم -وبه يتحقق الركن القانوني- وما يترتب على ارتكاب الجريمة من عقوبات يتم فرضها على الجاني، ويتكون قانون العقوبات بذلك في أنظمة المملكة العربية السعودية من جزأين هما التجريم والعقاب وهما بشكل أو بآخر وجهان لعملة واحدة، حيث لا جريمة إلا بوجود عقاب ولا عقاب إلا بوجود جريمة.

بينما يقسم قانون العقوبات في المملكة إلى قسمين هما:

  • قانون العقوبات العام: ووظيفته تحديد الأركان العامة للدعوى الجزائية في المملكة العربية السعودية وتحديد العقوبات المفروضة لها، وهي قواعد سارية على جميع المجرمين وعلى مختلف الجرائم.
  • قانون العقوبات الخاص: ووظيفته تحديد الأركان المادية والمعنوية لكل جريمة من الجرائم الجنائية في المملكة العربية السعودية على حدى ووضع وصف وتحديد عقوبات كل منها.

تقسيم الجرائم من حيث الأركان في النظام السعودي

يمكن تقسيم الجرائم وفرزها بالعديد من الطرق والأساليب وذلك بحسب الزاوية التي يتم النظر من خلالها إلى هذه الجرائم، فهي تشترك من حيث أنها قيام بفعل أو الامتناع عن فعل بما يخالف القانون ويعرض للعقاب، ولكن يمكن تقسيمها من حيث الأثر والنتيجة التي أدت إليها الجريمة إلى جرائم حدود وقصاص وتعزير، كما يمكن تقسيمها بالنظر إلى طبيعتها الخاصة إلى جرائم مدنية وعسكرية، أما إذا نظرنا إليها من منظور الوقت الذي تم اكتشافها به فهي تقسم إلى جرائم متلبس بها وأخرى غير متلبس بها، وهذا ما سنتناوله في مقالات لاحقة، ولكننا معنيين في هذا المقال بالنظر إليها وتقسمها من حيث أركانها؛ وذلك بالشكل التالي:

تقسيم الجرائم من حيث ركنها المادي

كما أسلفنا فإن الركن المادي هو المظهر الخارجي الملموس المتمثل بالموقف الايجابي أو السلبي، أي القيام بالفعل أو الامتناع عن أداء فعل بما يسبب وقوع الجريمة، وتقسم الجرائم وفقاً لذلك إلى:

  • الجرائم الإيجابية: هي الجريمة المبنية على القيام بالفعل الايجابي كالسرقة والاحتيال والزنا والسرقة والضرب.
  • الجرائم السلبية: وهي الجريمة المبنية على الامتناع عن القيام بالفعل الواجب فعله كمن يمتنع عن التبليغ عن ولادة طفل وتسجيله قانونياً أو امتناع الشاهد عن أداء الشهادة.
  • الجرائم الإيجابية بالترك: وهي وقوع الجريمة الايجابية بسبب الامتناع أو الترك كامتناع الأم عن إرضاع الطفل بقصد قتله، أو امتناع رجل الإطفاء عن إخماد النار بقصد رغم قدرته على ذلك، أو امتناع مدرب السباحة عن إنقاذ المتدرب بقصد غرقه، أو امتناع الممرض عن منح الدواء في الوقت المحدد بقصد أذيته.
  • الجرائم البسيطة: وهي وقوع الفعل لمرة واحد كالسرقة أو الاختلاس وإذا ما تمت إعادة الفعل الإجرامي فإنها تعتبر جريمة أخرى لا علاقة لها بالسابقة.
  • الجرائم الاعتيادية: الركن المادي لهذه الجرائم يتكون من عدة أعمال مادية متماثلة حيث أن الفعل بحد بذاته قد لا يعتبر جريمة، ولكن الجريمة هي الاعتياد على ارتكاب الفعل المادي.
  • الجرائم الوقتية: وهي حدوث الفعل بشكل آني محدد المدة يتوقف بعدها.
  • الجرائم المستمرة: وهي حدوث الفعل لمدة محددة ولكن آثارها باقية فالسرقة جريمة وقتية ولكن بقاء الشيء المسروق تحت يد الفاعل هو جريمة مستمرة، وشراء سلاح بدون ترخيص هو جريمة وقتية والاحتفاظ به وحمله جريمة مستمرة.
  • الجريمة المتتابعة: وهي حدوث الفعل لمرات متتالية كضرب شخص مرات متعددة أو أخذ رشوة لمرات متعددة أو سرقة محل تجاري لمرات متعددة أو على دفعات. 

تقسيم الجرائم من حيث ركنها المعنوي

كما أسلفنا فإن الركن المعنوي هو القصد والإرادة عند القيام بفعل الجريمة لدى الجاني مع العلم بسوء الفعل الذي يقوم به وإدراك نتائجه وإقدامه عليه على الرغم من ذلك، وتقسم الجرائم وفقاً لذلك إلى:

  • الجرائم المقصودة: وهو وجود القصد من القيام بالفعل الذي يعاقب عليه القانون والإرادة في تحقيق النتائج اللاحقة له.
  • الجرائم غير المقصودة: وهي وقوع الجريمة دون وجود القصد في القيام بها وعدم وجود إرادة في تحقيق نتائج عنها، وإنما تحدث دون قصد أو بطريق الخطأ، ومنها القتل في حوادث السير.

ولا شك أن العقوبات المفروضة تختلف بين الحالتين السابقتين وذلك لوجود اختلافات بينهما تتمثل في وجود روح إجرامية لدى الفاعل في الجرائم المقصودة في حين عدم وجودها في الجرائم غير المقصودة ولذلك فإنه من الطبيعي أن تكون عقوبة الجريمة المقصودة أكثر شدة من عقوبة الجريمة غير المقصودة، كما أن عقاب الأخيرة مبني على الإهمال أو التقصير وليس القصد، بالإضافة إلى وجود شروع في الجريمة المقصودة لا يوجد في الجريمة غير المقصودة.

الركن القانوني من أركان الجريمة الجنائية في النظام السعودي

تنص المادة 38 من النظام الأساسي في المملكة العربية السعودية على أن العقوبة شخصية ولا وجود لجريمة أو عقوبة إلا وفقاً لنص شرعي أو نظامي ولا عقوبة لفعل لم يتم ذكره على أنه جريمة في القانون الأساسي وهذا ما قمنا بذكره سابقاً، ويطبق ذلك مع وجود مبدأين فيما يتعلق بالركن القانوني هما:

سريان النص الجنائي من الناحية الزمنية

تطبق العقوبات وفقاً للنص القانوني الساري في المدة الزمنية الموجودة فلا أثر رجعي لها ولا يمكن تطبيق عقوبة حالية على جريمة تمت في وقت لم يكن القانون الحالي موجود بها، بحيث يسري القانون الجنائي على الجرائم التي تمت في ظله من الناحية الزمنية.

سريان النص الجنائي من الناحية المكانية

تطبق العقوبات وفقاً للنص القانوني الساري في المملكة العربية السعودية وما يشمله من أقسام برية بما تحتويه من أنهار وبحيرات والأقسام البحرية بما يشمل المياه الإقليمية، ومن ثم القسم الجوي والذي يعلو الإقليمين البري والبحري للمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى الطائرات والسفن التي تحمل علم المملكة.

الركن المادي من أركان الجريمة الجنائية في النظام السعودي

يتحقق الركن المادي للجريمة بإتمام الفعل المحظور في قوانين المملكة العربية السعودية بغض النظر عمّا إذا كانت الجريمة سلبية أو ايجابية، وللركن المادي في الجريمة عناصر متعددة تتمثل فيما يلي: 

  • السلوك الإجرامي: وهو النشاط الذي يتخذه الجاني بشكل إرادي على أن يكون له مظهر ملموس أو خارجي مادي سواء كان هذا النشاط إيجابي أو سلبي.
  • النتيجة الإجرامية: وهي الأثر المترتب على النشاط الذي اتخذه الجاني بشكل إرادي والتغيير الذي أحدثه، كموت الضحية في جريمة القتل.
  • العلاقة بين السلوك والنتيجة الإجرامية: وهي حلقة الربط ما بين السلوك الذي اتخذه الجاني والنتيجة التي أدى إليها سلوكه ولولاه لما حدثت.

وتكون العلاقة واضحة في حين أدى السلوك لوحده إلى النتيجة كأن يقوم شخص بإطلاق النار على شخص آخر فيؤدي إلى موته، وتتعقد هذه العلاقة في بعض الحالات عندما تتعدد الأنشطة التي أدت إلى حدوث النتيجة كقيام شخص بإطلاق النار على شخص آخر فيصيبه ولكنه لا يموت، وعند نقله إلى المستشفى يقوم الطبيب بخطأ ما يؤدي إلى إساءة حالته أو كان الضحية لديه مرض أدى إلى زيادة الحالة خطورة، فهل يعزى الموت هنا إلى فعل الاعتداء بإطلاق النار أم خطأ الطبيب أم مرض الضحية؟ وفي هذه الحالات يتم تحديدها وفقاً للنظرية التي يتم إتباعها.

الركن المعنوي من أركان الجريمة الجنائية في النظام السعودي

وهو وجود السبب النفسي أو المعنوي والإرادة الآثمة في قيام الجاني بالنشاط أو السلوك الإجرامي ويأخذ هذا الركن أحد شكلين فإما أن يتم بطريقة قصدية أو بطريق الخطأ:

القصد الجنائي

وهو قيام الجاني بالسلوك الإجرامي رغم علمه بالنتيجة المترتبة عليه ومخالفته للقانون بذلك، وله عدة أشكال:

  • القصد المباشر: وهي الإرادة الأكيدة في إتمام السلوك الإجرامي وتحقيق نتائجه كقتل شخص عن سابق الإصرار والتصميم.
  • القصد غير المباشر: وهو قيام الجاني بسلوك يتوقع به حدوث النتيجة الإجرامية ويعلم احتمالية حدوثها وقيامه بذلك رغم معرفته بذلك، كقيادة سيارة بسرعة في طريق مزدحم لاختصار الطريق أو الوصول بسرعة رغم معرفته بإمكانية وقوع حادث وقتل أحدهم وغير مبالاته بذلك.
  • القصد المحدد: وهو تحديد الجاني للنتيجة في ذهنه كالعمد إلى قتل شخص محدد ومن ثم إتمام ذلك.
  • القصد غير المحدد: وهو عدم تحديد الجاني للنتيجة في ذهنه كالعمد إلى القتل دون تحديد هوية الضحية ومن ثم إتمام ذلك، كإطلاق النار بشكل عشوائي وقتل شخص لا على التعيين.

الخطأ الجنائي

 وهو قيام الجاني بالسلوك الإجرامي دون علمه بالنتيجة المترتبة عليه ومخالفته للقانون بذلك، وهو بلا شك معيار موضوعي وله عدة أشكال:

  • الإهمال: وهو إغفال ما ينبغي القيام به كأن تهمل الممرضة عملها المتمثل في منح المريض دواء في ساعة محددة فيموت المريض إثر ذلك.
  • عدم الاحتياط: وهو إمكانية الحوال دون وقوع الجريمة لو تصرف صاحب المسؤولية بحذر، كالمزاح القائم بين الأصدقاء برفع سلاح وإطلاق النار بطريق الخطأ فتقتل أحدهم.
  • عدم الالتزام الأنظمة والقوانين: وهو القيام بسلوك مخالف للقوانين وله عقوبات محددة حتى ولو لم تكن له نتيجة إجرامية، كتجاوز حدود السرعة فهي مخالفة للقوانين ومن ثم إصابة احدهم.
  • الرعونة: وهي القيام بالأفعال المحفوفة بالمخاطر كقيادة السيارة دون إتقان ذلك.

إلى هنا نكون قد منحنا بعض ما بحوزتنا من معلومات حول أركان الجريمة الجنائية في النظام السعودي بشكل بسيط ومقتضب، لكن فيما لو كنت بحاجة  لأي معلومات أخرى أو شرح تفصيلي لأي معلومة تم ذكرها في هذا المقال يمكنك الاستعانة بمحامي القضايا الجزائية في مكتب الصفوة للمحاماة والخدمات القانونية في المملكة العربية السعودية والذي سيقدم لك كل ما تحتاجه.


المصادر والمراجع


إقرأ أيضاً

Avatar of حسين الدعدي
نبذة عن حسين الدعدي

حسين الدعدي, محامي ومستشار قانوني سعودي الجنسية؛ حاصل على بكالوريوس في الشريعة بدرجة ممتاز من جامعة أم القرى في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية. ومالك لمكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية.

أضف تعليق

متجر الصفوة اطلب خدمات قانونية
لديك استشارة قانونية؟
تواصل مع محامي