شهادة الشهود في النظام السعودي

6 دقائق للقراءة
4.5
(16)

يتحدث هذا المقال عن شهادة الشهود في النظام السعودي، حيث سنتحدث عن شروطها من حيث الشاهد ومن حيث الشهادة نفسها، كما سنتحدث عن مبطلات الشهادة، بالإضافة إلى إجراءات طلب الشهادة في نظام الإثبات السعودي وكيف تتم وأخيراً عن  شهادة الأقارب في المحاكم السعودية فهل تقبل أم لا كما سنجيب عن أهم الأسئلة الشائعة التي تُطرح بما يخص شهاد الشهود وتفاصيلٌ أخرى فأهلاً بكم.

لديك استشارة قانونية؟ تواصل مع محامي متخصص اليوم.

أنت كفرد في المجتمع قد تجد نفسك بحاجة لمن يشهد لك في حق من الحقوق، أو قد تجد نفسك شاهداً أو مشهوداً ضده في إحدى المحاكم، والشهادة تعتبر من أخطر وسائل الإثبات في المجتمع، كونها متروكة لذمة وضمير الشاهد.  والشريعة الإسلامية حثت على الشهادة، واعتبرت الشهادة الصحيحة دليلاً قاطعاً في إثبات الحقوق.

فالشهادة في الدين الإسلامي الحنيف تعتبر واجبة على الفرد في حالة معرفته بأمر يتعلق بحق ما، فقد قال الله عز وجل:

((ولا تكتموا الشهادة، ومن يكتمها فإنه آثم قلبه، والله بما تعملون عليم)).

والشهادة تعتبر إحدى وسائل الإثبات المقررة في نظام الإثبات السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/43 لعام 1443هـ، والذي حدد طرق الإثبات بالوسائل التالية:

  1. الإقرار.
  2.  الكتابة.
  3.  الدليل الرقمي.
  4.  القرائن وحجية الأمر المقضي به.
  5.  الشهادة وهي موضوع مقالتنا.
  6.  العرف.
  7.  اليمين.
  8.  المعاينة.
  9.  الخبرة.

فنظام الإثبات السعودي أخذ بتسع وسائل للإثبات، علماً بأن أغلب القوانين العربية لديها سبع وسائل للإثبات، وهي:

الكتابة، والإقرار، والقرائن، والشهادة، واليمين، والمعاينة، والخبرة، بينما نجد أن نظام الإثبات السعودي قد أضاف وسيلتين، هما الدليل الرقمي والعرف.

وسنحاول في مقالتنا هذه أن نركز على الشهادة كوسيلة من وسائل الإثبات في النظام السعودي، وذلك في ضوء الأحكام الواردة بشأنها في نظام الإثبات السعودي الحالي.

إليك فائدة قانونية قد لا تعرفها عن الشهادة:

شروط شهادة الشهود في النظام السعودي

 قبل أن نوضح شروط شهادة الشهود في النظام السعودي، لا بد لنا من أن نعرف الشهادة.

فالشهادة: هي مثول أحد الأشخاص أمام المحكمة، ليدلي بمعلومات تتعلق بواقعة معينة معروضة أمام القضاء، بحيث يرجح كف طرف على آخر في الحق المتنازع فيه.

ولكن ما هي الشروط المطلوبة في شهادة الشهود وفقاً لنظام الإثبات السعودي: هناك شروط تتعلق بالشاهد نفسه، وشروط تتعلق بالشهادة.

أولاً – الشروط المتعلقة بالشاهد نفسه:

وقد حددها نظام الإثبات السعودي على النحو التالي:

  1.  أهلية الشهادة، والتي تم تحديدها بسن الخامسة عشر، فمن لم يبلغ هذا العمر لا تقبل شهادته، وإنما يسمعها القاضي على سبيل الاستئناس.
  2.  سلامة الإدراك لدى الشاهد، أي أن يكون عاقلاً مدركاً للشهادة، وألا يكون غير مميز أو مجنون أو يعاني مرضاً نفسياً.
  3.  يتوجب على الشاهد الإفصاح عن أية علاقة بينه وبين أحد الخصوم المتنازعين، ليتبين للقاضي مدى أهليته للشهادة وفق الشروط المطلوبة في موانع الشهادة.
  4.  يجب أن يؤدي الشاهد شهادته بملء إرادته ودون إكراه أو تهديد، فإذا ما ثبت أن الشاهد قد جاء للمحكمة تحت التهديد والضغط، فلا تقبل شهادته.
  5. هناك شرط عدم التعارض، وهو شرط هام، ويتعلق بألا يكون للشاهد مصلحة في الإدلاء بشهادته، أو ألا يكون هناك دفع لضرر يتعلق به، فالشاهد يجب أن يكون نزيهاً في الإدلاء بشهادته.

ثانياً – الشروط المتعلقة بالشهادة نفسها:

وضع نظام وضع نظام الإثبات السعودي عدة شروط في الشهادة، وهي:

  1.  لا يجوز الإثبات بالشهادة، ما لم يرد نص يقضي بغير ذلك.
  2.  لا تقبل الشهادة في حالة وجود وثيقة مكتوبة بتصرف تزيد قيمته على 100,000 ريال أو ما يعادلها، أو كان غير محدد القيمة.
  3.  لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود حتى ولو لم تزد القيمة على 100,000 ريال، فيما إذا اشترط النظام في صحته أو إثباته أن يكون مكتوباً، أو كان ما يراد إثباته هو الباقي من جزء من حق لا يجوز إثباته أساساً إلا بالكتابة، كما لا يجوز الإثبات بالشهادة فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي.
  4.  أجاز المشرع السعودي الإثبات بشهادة الشهود، فيما يجب إثباته بالكتابة وذلك في الحالات التالية:
  • إذا كان هناك مبدأ ثبوت بالكتابة، وهو أي دليل كتابي غير مكتمل ويجعل الحق قريب الاحتمال.
  • إذا كان هناك مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي، ومن الموانع المادية عدم وجود من يستطيع الكتابة، أو أن يكون طالب الإثبات ليس طرفاً في العقد مثلاً، أما الموانع الأدبية، فهي الموانع التي تنشأ بسبب الروابط الأسرية، كالمانع الأدبي بين الزوجين.
  • إذا استطاع المدعي إثبات فقدانه الدليل الكتابي الذي يثبت حقه.

ويمكن أن تضاف شروطاً عامة في الشهادة، وهي أن تكون الشهادة على شيء معلوم وواضح، وألا تكون على أمر يخالف الحس والواقع، وألا يكون في الشهادة أي شبهة تمنع الأخذ بها، وبالتالي لا يؤخذ بشهادة من اشتهر بالفسق، أو المجون، أو الكذب.

مبطلات الشهادة في نظام الإثبات السعودي

يمكننا استخلاص مبطلات الشهادة في نظام الإثبات السعودي من شروط الشهادة نفسها، وعلى القاضي أن يدرس الشهادة دراسة مفصلة، وينظر إليها من كافة الزوايا، فإذا رأى بطلانها، فإنه يبطلها.

وتعتبر من مبطلات الشهادة ما يلي:

  1.  إذا كان هناك تضارب في أقوال الشهود أثناء شهادتهم في واقعة واحدة، بحيث لا تدعم الأقوال بعضها بعضاً، مما يجعلها ضعيفة فيأمر القاضي ببطلان تلك الشهادات، أو ترجيح شهادة على أخرى.
  2.  تعارض الشهادة بشكل واضح مع الوقائع المادية المثبتة بين يدي القاضي، فقد يظهر من شهادة الشاهد عدم معرفته التامة بالواقعة التي بين يدي القاضي.
  3.  إذا كان هناك دليلاً مادياً قاطعاً يدل على الواقعة، وجاءت الشهادة مخالفة لهذا الدليل.
  4.  إذا اتضح أن للشاهد منفعة جراء إدلائه بالشهادة.
  5. إذا تم الطعن من أحد طرفي النزاع بشهادة الشهود، وأثبت تعارض أقوال الشاهد مع الواقعة، أو تعارض أقوال الشهود مع بعضهم، فهنا ينظر القاضي في هذا الاعتراض، وقد يقبل به ويبطل الشهادة.
  6.  إن الشهادة يجب أن تكون واضحة وصريحة وحاسمة، فلا يقبل القضاء بالشهادة المبنية على الاحتمالات، أو الشهادة الضعيفة، كأن يقول الشاهد أمام المحكمة أنه غير متأكد يقيناً من أن هذا الشخص هو الذي رآه في مسرح الجريمة، إذ يجب أن يكون متيقناً من شخصية الفاعل.

إجراءات الإدلاء بشهادة الشهود

بالعودة لنظام الإثبات السعودي، ونظام المرافعات الشرعية، فإن إجراءات إدلاء الشهود بشهادتهم أمام المحكمة تكون على النحو التالي:

  1.  يتوجب على الخصم الذي يطلب الإثبات بشهادة الشهود أن يبين الوقائع التي يريد إثباتها بتلك الشهادة، وعدد الشهود، وأسمائهم، وذلك بكتاب إلى المحكمة، أو يمكنه أن يطلب أثناء المرافعات بشكل شفهي إثبات ما يريد من وقائع عبر شهادة الشهود، بحيث يتم تدوين طلبه في محضر الجلسة.
  2.  تنظر المحكمة في طلبه، فإذا رأت أن الواقعة من الوقائع التي يمكن إثباتها بشهادة الشهود، فإنها تأذن بذلك، وتأمر بتبليغ الشهود للحضور والإدلاء بشهادتهم.
  3.  كما يحق للمحكمة أيضاً من تلقاء نفسها أن تستدعي من ترى شهادته لازمة لإظهار الحقيقة في الدعوى.
  4.  تحدد المحكمة جلسة لسماع الشهادة، وتبلغ الشهود بضرورة حضورها في الموعد المحدد.
  5.  إذا لم يتمكن الشاهد من الحضور لعذر تقبل به المحكمة، يمكن للقاضي أن ينتقل لمكان إقامة الشاهد لسماع الشهادة، أو أن يكلف أحد قضاة المحاكم التي يقع في دائرتها إقامة ذلك الشاهد، ليسمع منه الشهادة.
  6.  أثناء جلسة سماع الشهود يتوجب على القاضي سماع شهادة كل شاهد على انفراد بحضور الخصوم أو من يمثلهم، دون حضور بقية الشهود.
  7. يدلي الشاهد بشهادته شفهياً، ويجوز أن تكون كتابية إذا أذنت المحكمة بذلك.
  8.  إن تحليف الشاهد من قبل المحكمة أثناء شهادته أمراً جوازياً يعود للمحكمة، حيث يمكن لها أن تحلف الشاهد أو لا تحلفه، وفي حال طلبت المحكمة من الشاهد أن يحلف قبل الإدلاء بشهادته وامتنع، فإن للمحكمة تقدير أثر ذلك على الشهادة.
  9.  يحق لأي من الخصوم توجيه الأسئلة بشكل مباشر إلى الشاهد، وإذا انتهى الخصم من أسئلته لا يجوز له توجيه أسئلة جديدة إلا بإذن المحكمة.
  10.  يحق للخصم أثناء جلسة الشهادة أن يعترض على أي سؤال يوجه للشاهد، وعليه أن يبين سبب اعتراضه، على أن يثبت هذا الاعتراض في محضر جلسات المحاكمة.
  11.  يتم تدوين شهادة الشهود في محضر يتضمن بيانات الشاهد وعلاقته بالخصوم، كما يدون نص شهادته وكافة الأسئلة الموجهة إليه والأجوبة المقدمة منه.
  12.  يحق للخصم المشهود ضده أن يبين في جلسة الشهادة كل ما يخل بشهادة الشاهد، وللمحكمة أن تقدر آثار ذلك في الشهادة.
  13.  يتوجب على المحكمة أن تقدر عدالة الشاهد من حيث سلوكه وتصرفه أو أي ظروف أخرى دون حاجة إلى تزكية من أحد، ولها عند الضرورة أن تستعين بالوسائل المناسبة للتأكد من عدالة ذلك الشاهد.

 شهادة الأقارب في المحاكم السعودية

 بينت المادة 71 من نظام الإثبات السعودي حالات شهادة الأقارب لبعضهم البعض أمام المحاكم السعودية، وذلك على النحو التالي:

  • ألزمت الشاهد قبل الإدلاء بشهادته أن يفصح عن أية علاقة تربطه بأطراف الدعوى، كعلاقة القرابة، وكذلك عن أي مصلحة له في تلك الدعوى، حتى تتمكن المحكمة من تحديد أهليته للشهادة.
  • تم تحديد من لا يصح شهادتهم لبعضهم البعض، وهم:
  1. شهادة الأصل للفرع وإن نزل، فلا تجوز شهادة الأب لابنه أو لابنته، أو لحفيده، أو لحفيدته وهكذا.
  2. ولا تجوز شهادة الفرع للأصل وإن علا، فلا تجوز شهادة الابن لأبيه، أو لأمه، أو لجده أو لجدته وهكذا.
  3. كما لا تجوز شهادة أحد الزوجين للآخر، حتى لو كانت هذه الشهادة بعد افتراقهم عن بعضهم البعض.

 وبالتالي نستنتج أن نظام الإثبات السعودي قد حصر عدم قبول شهادة الأقارب لبعضهم البعض في الأصول والفروع والزوجين فقط.

 أسئلة تتعلق بشهادة الشهود وفقا للنظام القضائي السعودي

 سؤال: كيف يتم الاعتراض على شهادة الشهود؟
الجواب:
 يحق للخصم الذي يرى في شهادة الشاهد أنها غير صحيحة أن يعترض عليها في جلسة الشهادة فوراً، أو بمذكرة لاحقة بعد جلسة الشهادة، ولعل أفضل الطرق للطعن بالشهادة، تتمثل في الطعن بأنها شهادة زور، وذلك من خلال أسئلة مباشرة يتم توجيهها إلى الشاهد تتعلق بتفاصيل دقيقة في القضية، فإذا صدر عنه كلام متضارب، فإن ذلك يسهل إبطال شهادته.

ولعل أكثر حالات الاعتراض نجاحاً على الشهادة تتمثل بوجود أكثر من شاهد وتعارض شهاداتهم فيما بينها، كما أن مخالفة شهادة الشاهد لواقعة مادية مثبتة في الدعوى، يجعل شهادته مطعوناً فيها وغير صحيحة.

سؤال: هل يجوز إجبار الشاهد على الشهادة؟
الجواب: وفقاً لنظام الإثبات السعودي، وقانون المرافعات الشرعية السعودي، فإنه لا يجوز إجبار الشاهد على الإدلاء بشهادته، كما لا يجوز أيضاً أن يُضار الشاهد بشهادته. ولكن إذا كانت هناك دعوى تتعلق بالحق العام، فإنه من الممكن إلزام الشاهد بالحضور والإدلاء بشهادته.

سؤال: ما مدى حجية الشهادة في نظام الإثبات السعودي، أو أمام المحاكم السعودية؟
الجواب: إن الشهادة تعتبر إحدى وسائل الإثبات التسعة التي نص عليها نظام الإثبات السعودي، إلا أن القاضي غير ملزم بالأخذ بالشهادة بكامل تفاصيلها، بل يعود له وحده تقدير هذه الشهادة ومدى أثرها في الدعوى وفي الحكم.

 سؤال: هل يحق للقاضي عدم سماع الشهود؟
الجواب: نعم، إن القاضي إذا رأى في طلب الشهادة من أحد الخصوم أن ذلك غير مجدياً في الدعوى، وأن الوقائع التي بين يديه كافية لتكوين قناعته الكاملة في إصدار الحكم، فله الحق في رفض سماع الشهود.

كان هذا كل ما لدينا بما يخص شهادة الشهود في النظام السعودي؛ يمكنك قراءة مواد قانونية أخرى مثل: الركن المادي للجريمة في القانون السعودي أو أركان جريمة الرشوة في النظام السعودي وعقوبة أطرافها أو السوابق القضائية في النظام السعودي وهل هي ملزمة في القضاء؟.

تقييمك يهمنا: إذا أعجبك مقالنا ووجدته مفيداً في أسفل الصفحة يوجد زر لتقييم المحتوى. يرجى تقديم تقييمك.


المصادر والمراجع

هل ساعدك الموقع على الوصول إلى المحتوى المطلوب ؟

انقر على النجوم للتقييم (من اليمين إلى اليسار)

4.5 / 5. 16

لا يوجد تقييمات حتى الآن

Avatar of حسين الدعدي
نبذة عن حسين الدعدي

حسين الدعدي, محامي ومستشار قانوني سعودي الجنسية؛ حاصل على بكالوريوس في الشريعة بدرجة ممتاز من جامعة أم القرى في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية. ومالك لمكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية.

4 رأي حول “شهادة الشهود في النظام السعودي”

أضف تعليق

متجر الصفوة اطلب خدمات قانونية
لديك استشارة قانونية؟
تواصل مع محامي